في الوقت الذي حاولت كل من إدارة السجون ووزارة التعليم العالي ووزارة الصحة إصدار بلاغات متتالية تبعد كل منها تهمة «الإهمال» المفضي إلى وفاة الطالب القاعدي مصطفى مزياني بعد إضراب مفتوح عن الطعام وصل إلى 70 يوما، خرج الطلبة الـ11 المعتقلون في السجن المحلي في أحداث «الخميس الأسود» بمعطيات مثيرة حول مراحل من إضرابه عن الطعام، قبل أن يسقط متوفى في غرفة الإنعاش بالمستشفى الجامعي بفاس متأثرا بإضرابه.
وقال تقرير للطلبة القاعديين الذين دخلوا بدورهم في إضرابات متتالية عن الطعام، إن الوكيل العام بمحكمة الاستئناف زار الطالب المضرب عن الطعام مباشرة بعد إيداعه السجن، وهو في يومه الـ39 من الإضراب عن الطعام، بتاريخ 11 يوليوز الماضي، على خلفية متابعته في قضية مقتل الطالب الإسلامي عبد الرحيم الحسناوي في أحداث خميس 24 أبريل الماضي، وقدم له وعودا منها ما يتعلق بالتسجيل في كلية العلوم وإلغاء قرار طرده، لكن هذه الوعود لم تتحقق.
واتهم الطلبة المعتقلون إدارة سجن عين قادوس بـ»التشكيك في الإضراب عن الطعام»، وحكوا على أن طبيب السجن كان يتلمس بطن الطالب المتوفى بأصابعه مشككا في معركته، كما تطرقوا إلى حادث إغماء تعرض له فبدأ الطلبة ينقلونه من مكان إلى مكان، وهو في وضعية متدهورة، إلى أن وصلوا به إلى مصلحة التشخيص القضائي، فطلب منهم أحد الموظفين إحضار الميزان لقياس وزنه، في محاولة للتشكيك في جدية الإضراب عن الطعام. وقال الطلبة إن إدارة السجن رفضت في البداية فتح أي حوار مع الطالب المضرب عن الطعام بمبرر تغيير مدير المؤسسة.
وكشف التقرير على أن الطالب كان يتقيأ دما ممزوجا بعصارة صفراء اللون، قبل أن يسقط مغمى عليه في 16 يوليوز الماضي، لكي يتم نقله إلى المستشفى بعدما احتج المعتقلون. وذكر التقرير أن حقنه بالسيروم في المستشفى تم بطريقة وحشية، ما أدى إلى انتفاخ في يده اليمنى، وكان الدم يسيل منها. وفي اليوم الموالي اكتفى طبيب السجن بمراقبته وتسجيل معطيات حول حالته. وتدهورت حالته الصحية، دون أن يبالي طبيب المؤسسة، حسب ما ورد في التقرير، قبل أن يسبب إغماء حاد تعرض له في نقله إلى مستشفى ابن الخطيب. وبناء على المعطيات التي كشف عنها الطلبة المعتقلون، فإن الغرفة التي وضع فيها مصفد اليدين كانت خالية من التجهيزات الطبية، باستثناء قارورة سيروم، إلى حد أنه حرم لعدة أيام من الأغطية ومن الزيارة العائلية في ظل حراسة أمنية وهو مصفد اليدين على السرير. وتحدث الطلبة على أن الطالب مزياني عانى من الإهمال في المستشفى لأزيد من أسبوعين، إلى أن تدهورت حالته الصحية ووصلت إلى حالة موت سريري، أصيب معه مزياني بشلل تام، ولم يعد يقوى على الكلام وفقد السمع والبصر، ما دفع إلى نقله إلى المستشفى الجامعي، بحضور مسؤولين عن إدارة السجون، قبل أن يعلن عن وفاته في غرفة الإنعاش يوم 13 غشت الجاري.
بوكس 1: مراسلات دقت ناقوس الخطر منذ البدايات الأولى للإضراب
وفي السياق ذاته، كشفت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع فاس ـ سايس، عن مراسلات وجهتها لإدارة كلية العلوم بالمركب الجامعي ظهر المهراز ورئاسة جامعة فاس، في 15 يونيو الماضي، حيث كان الطالب يتابع دراسته في شعبة الفيزياء، مطالبة عميد الكلية بالتدخل للعدول على قرار الطرد منذ الأيام الأولى للإضراب عن الطعام الذي دخل فيه الطالب مزياني في قلب الكلية. وتحدثت المراسلة عن زيارة قام بها أعضاء من الجمعية للطلبة المعتصمين على خلفية القرار التأديبي المتخذ في حقهم من طرف كلية العلوم، وتطرقت إلى المنحى الخطير الذي اتخذه الملف والمتمثل، بحسبها، في دخول الطالبين مزياني وشعول في إضراب مفتوح عن الطعام. وعبرت الجمعية في هذه المراسلة على أن هذا الإضراب قد يؤدي إلى «المساس بالحق المقدس في الحياة لهؤلاء الطلبة»، ودعت عميد الكلية ورئيس الجامعة للتدخل قصد «مراجعة القرار التأديبي» المتخذ في حق ثلاثة طلبة، والسماح لهم باجتياز الدورة الربيعية للفصل السادس من الإجازة.
لحسن والنيعام عن المساء