تفاصيل صادمة عن المصنع الذي اودى بحياة العشرا ...
استاذ جامعي يفضح : الشواهد الجامعية تباع وتشت ...
اختلالات في محاربة كورونا (كوفيد19) بالأكاديم ...
هل أحسن المغرب قراءة أثار حياده في الصراع الخليجي
بقلم جلال مجاهدي
كما نعلم ابتدأت الأزمة بين المغرب و بين السعودية و الإمارات سنة 2017 حينما امتنع المغرب عن مقاطعة دولة قطر و التزم الحياد و لم يصطف إلى جانب السعودية و الإمارات في إعلان الحصار على هذه الدولة ذات التوجه الاخواني ، لكن لماذا قطر و لماذا التوجه الاخواني ؟
بقلم جلال مجاهدي
كما نعلم ابتدأت الأزمة بين المغرب و بين السعودية و الإمارات سنة 2017 حينما امتنع المغرب عن مقاطعة دولة قطر و التزم الحياد و لم يصطف إلى جانب السعودية و الإمارات في إعلان الحصار على هذه الدولة ذات التوجه الاخواني ، لكن لماذا قطر و لماذا التوجه الاخواني ؟
إثر حدوث الربيع العربي و مشاركة حركات الإسلام السياسي فيه كقوى محورية مؤثرة، علمت الإمارات و السعودية بأن تنامي تيارات الإسلام السياسي المدعوم من قطر و وسائل دعايتها كالجزيرة ، يشكل تهديدا قويا لأنظمتهما و لذلك ناصبته العداء و جعلتا قطر راعية التوجه الاخواني في فوهة مدفعيتهما.
المغرب و نظامه السياسي لا ينتهج سياسة القطع مع تيارت الإسلام السياسي، بل ينتهج سياسة مد اليد و الاحتواء و الاضعاف و يلعب لعبة سياسية أخرى و يستفيذ من تحكمه في زمام الأمور و لا يشكل هذا التيار بما فيه جماعة العدل والإحسان خطرا يهدده، بل يحتاج إلى الإسلاميين في التشكيلات الحكومية و يلعب على ثنائيات التقليدانية و الحداثة في تصريفه للمشهد السياسي و لذلك فإن مسألة مقاطعة قطر لم تكن ضمن توجهاته.
التزم المغرب موقف الحياد بخصوص قطر، فتدهورت العلاقات بينه و بين الحلف السعودي الاماراتي و ازداد الأمر سوءا بعد أن منحت السعودية صوته لأمريكا ضدا على المغرب الذي كان يأمل بفوزه بتنظيم نهائيات كأس العالم لكرة القدم لسنة 2026 و تعقدت الأمور إلى درجة انسحاب المغرب من حرب اليمن و إلى استثناء الأمير محمد بن سلمان للمغرب من زيارته للدول العربية في سنة 2018 و الى بث قناة العربية لتقرير مصور يصف المغرب بالدولة المستعمرة للصحراء الغربية و توالت التصعيدات خاصة من جانب الحلف العربي الذي وجه كتائبه الإلكترونية لتشويه صورة المغرب و حكومته ، لكن أين تكمن خطورة موقف الحياد بالنسبة للمغرب ؟
في شهر فبراير المنصرم توجه الرئيس الجزائري الجديد إلى السعودية للقيام بأول زيارة رسمية له، التقطت الرباط الإشارة و أرسلت في غده المستشار الملكي فؤاد عالي الهمة للرياض لملاقاة محمد بن سلمان لتوضيح رؤيتها بخصوص المشكل القطري ، تفاديا لحصول تقارب وجهات النظر الجزائرية السعودية بخصوص مشكل الصحراء الغربية ، فهل فعلا موقف الحياد مفيد للمغرب بخصوص هذا الملف ؟
كما نعلم فإن المنطقة المسماة بالشرق الاوسط الكبير تقع بين رحى قطبين متصارعين و هما القطب القطري التركي و هو قطب ذو توجه إخواني و القطب السعودي الإماراتي ذو التوجه الاعتدالي و هذا الأخير شبه مسيطر و تدخل فيه دول أخرى كمصر و البحرين و موريتانيا التي أصبحت في السنوات الأخيرة تستفيذ من مساعدات إماراتية سخية جدا و من المحتمل أن تدخل فيه ليبيا التي هي مسرح للحرب بين المحورين إذا ما استقرت الاوضاع لفائدة الجنرال السابق خليفة حفتر المدعوم رأسا من السعودية و الإمارات .
و لفهم أكثر لطبيعة التحالف السعودي الاماراتي ، يتعين أن نستحضر هنا أن الأمر لا يتعلق بمجرد تحالف عادي كما في السابق، ففي شهر ماي من سنة 2016 تم الإعلان عن تأسيس مجلس التنسيق الإماراتي السعودي الذي عقد أولى دوراته في يونيو 2018 و الذي أسفر عن وضع استراتيجية للتعاون السياسي و الاقتصادي و العسكري تحت مسمى "استراتيجية العزم" و التي هي في طور الاجرأة و هذه الاستراتيجية التي أعدها 350 مسؤولا و خبيرا في مختلف المجالات، لها رؤية شمولية عربية و إقليمية ، و حسب هذه الرؤية و لاعتبارات أخرى فالتزام المغرب الحليف القديم للحياد بخصوص القضية القطرية هو حياد بخصوص القضية الإخوانية و هو أمر يتعارض مع رؤية الدولتين و مع استشرافاتهما الاستراتيجية.
لم يقبل المغرب أن يكون تابعا للحلف الاماراتي السعودي و أن يخضع لمنطق الهيمنة على أساس أنه دولة ذات سيادة و مستقل في قراراته الخارجية و هو موقف يحسب له و حاول الإصلاح بين قطر و بين الإمارات و السعودية و هو أمر متعذر للأسباب المذكورة سابقا و هو إلى الآن لازال على موقفه و في كل مرة يؤكد على استقلاله في قراراته الخارجية، كما حدث مؤخرا عندما رفض الوساطة الإماراتية حينما طالبته دولة الامارات بنقل إسرائيليين عالقين في المغرب إليها إثر تعليقه للطيران الجوي بسبب جائحة كورونا.
هذا الاستقلال و الثبات على الموقف لم يكن من دون ثمن فمن الناحية الاقتصادية تقلصت نسبة الاستثمارات السعودية بالمغرب بنسبة 68 في المائة سنة 2018 مقارنة بسنة 2014 و تراجعت نسبة الاستثمارات الاماراتية بخصوص نفس السنة مقارنة بسنة 2015 بنسبة 41 في المائة ، أما من الناحية الإعلامية و في خطوات تصعيدية سعت الامارات و السعودية لإطلاق قناتين أم بي سي موروكو و سكاي نيوز المغرب لتكون لهما حصة من المتتبعين و الرأي العام في المغرب بصفة خاصة و باقي دول شمال افريقيا بصفة عامة و الملاحظ أنه و إن كان خطابهما الأصلي يسير في اتجاه تقويض فكر الإسلام السياسي ضدا على قناة الجزيرة ، فإن إنشاء قناة فضائية موجهة لدول معينة هو تدخل غير مباشر في شؤون هذه الدول ، لما تسببه من تشكيل خارجي للرأي العام بها و الذي قد يستعمل لأغراض غير بريئة و من الناحية السياسة الخارجية فلا بد من استحضار خطورة ما يخطط له الحلف الخليجي، فعلى الجبهة الليبية تقوم السعودية و الإمارات بدعم الجنرال السابق خليفة حفتر الذي يشكل استمرارا لنظام القدافي في نسخته السيئة و الذي قد تستعملانه في مساعدة البوليزاريو كما كان نظام القدافي يفعل في فترة الثمانينات، و ينضاف إلى هذا الشق التخطيط الرامي إلى محاصرة المغرب جغرافيا، بعد تغلغل الحلف في موريتانيا و تنفذه فيها إثر المساعدات المالية السخية التي تلقتها موريتانيا مؤخرا نقدا أو على شكل تمويلات استثمارية، كبناء مطار نواكشوط و مشروع ميناء نواذيبو الذي سينافس بشكل كبير ميناء الداخلة الذي خصص لإنجازه 10 مليار درهم ،إضافة إلى العديد من الاستثمارات الأقل شأنا ، هذا دون أن ننسى التخطيط لضم الجزائر إلى الحلف الذي ساعدها كثيرا في إحباط الحراك الشعبي المناوىء لحكم العسكر و كانت للإشارات التي بعتثها الجزائر مؤخرا كزيارة صبري بوقادوم وزير خارجيتها لخليفة حفتر في ليبيا و زيارة الرئيس الجزائري للسعودية في شهر فبراير الماضي كاول زيارة رسمية له ، دلالاتها القوية.
التقارب الجزائري السعودي الإماراتي هو أمر لا يخدم مصلحة المغرب في قضية الصحراء الجنوبية على المستوى الدولي بالنظر للثقل الذي يشكله الحلف الخليجي ، كما أن محاصرة المغرب من الجانب الموريتاني قد يشكل ضربة في العمق لاستراتيجيات المغرب في الغرب الافريقي و توسعه التجاري و الاقتصادي و قد تحمل تغييرات في تعاطي و رؤية دول إفريقيا لقضية الصحراء الغربية ، و ايضا فإن استقرار الاوضاع بالنسبة لخليفة حفتر في ليبيا قد يعني عدم استقرار الاوضاع في الصحراء.
فهل على المغرب تغيير موقفه من قضية قطر و مراجعة خياراته ؟ لا نقول بذلك ، فعلى المدى البعيد تكون المحافظة على سيادته أولى من فقدها شيئا فشيئا، لكن عليه فعل شيء ما ، فهو إلى حد الآن لم يقم بأي رد فعل استراتيجي واضح الآثار و اكتفى بشجب ما تخطط له الإمارات و السعودية ضده و بالتلميح فقط.