دستور مع وقف التنفيذ

02 Aug 2020 : 13:53 تعليقات: 0 مشاهدات: 
Khalidbekkari.jpg
Yennayri
منشور من طرف Yennayri

بقلم خالد البكاري

لطالما ناضلت القوى الديمقراطية من أجل دستور ديمقراطي شكلا ومضمونا، ولطالما حفلت الأدبيات والوثائق والمذكرات السياسية بالحديث عن ضرورة دستور ديمقراطي مدخلا للانتقال الديمقراطي.

كانت كل التفاوضات بين الحكم والمعارضة في المنعطفات الصعبة تطرح إشكالية الدستور، وضرورة التوافق على عناوينه الكبرى.

هل كانت المعارضات السابقة محقة في أولوية الدستوري؟ ألا يمكن بعد تأمل مخرجات دستور 2011 أن نقلب الهرم، بحيث يكون تغيير ميزان القوى هو المدخل لدستور ديمقراطي قابل للأجرأة، وليس العكس؟

حين نعقد مقارنة بين السنوات الممتدة من دستور 1996 إلى دستور 2011، وبين السنوات التي تلت دستور 2011، سنجد مفارقة لافتة.

فبمقارنة بين نصي الدستورين، سنجد دستور 2011 متقدما على دستور 1996، ولكن حين المقارنة بين واقع الحقوق والحريات خلال المرحلتين ،سنجد العكس.

لقد كانت الحياة السياسية بعد إقرار دستور 1996 أكثر ثراء مما نعيشه اللحظة : مذكرات الكتلة الديمقراطية السابقة على التعديلات الدستورية، المفاوضات حول حكومة التناوب الديمقراطي، إقالة رجل الداخلية القوي إدريس البصري، عودة المنفيين وعلى رأسهم أبراهام السرفاتي والفقيه البصري، رفع الإقامة الجبرية عن عبد السلام ياسين، مسلسل الإنصاف والمصالحة، بما فيه بث جلسات الاستماع لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان مباشرة على التلفزة.

وطبعا لا قياس مع وجود الفارق فيما يخص واقع الحريات والحقوق، ففي تلك المرحلة حصلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان على صفة الجمعية ذات النفع العام، ووقعت شراكات مع وزارات ومع مؤسسات عمومية لنشر ثقافة حقوق الإنسان، وبرزت عناوين صحفية مثل "النشرة" و"لوجورنال" و"الصحيفة" و"دومان" و"الجريدة الأخرى" و"نيشان" وغيرها، كان سقف هامشها أعلى بكثير مما هو عليه الأمر اليوم، كانت تنتقد قرارات صادرة عن القصر، وتتحدث عن مستشاري الملك، وعن زواج السلطة والثروة، وتفضح جرائم نهب المال العام،،

طبعا لم نكن في جنة ديمقراطية، كانت هناك نتوءات وحوادث سير كثيرة، ولكن على الأقل كان الأمل بالتقدم نحو انتقال ديمقراطي ممكنا.

كان المعارضون التونسيون أنذاك يمازحوننا بالقول: لو كان عندنا نصف ما عندكم من هامش ديمقراطي، لكنا من الموالين لنظامنا.

اليوم نمتلك دستورا رغم كل ملاحظاتنا حول "فخاخه"، إلا أنه يظل أفضل من الدستور السابق عليه، ولكن للأسف فإن الواقع السياسي والاجتماعي والحقوقي متراجع بالمقارنة مع الوضع السابق.

لقد تغولت السلطوية أكثر، وتصحرت الأحزاب السياسية التي أصبحت نسخا كربونية من أصل مستسلم مهادن منبطح، فيما تعمقت الفوارق الطبقبة والمجالية، وانحسرت الحقوق والحريات للدرجة التي أصبحنا فيها نمارس رقابة ذاتية في أمور بسيطة، ولم يعد الخوف من الاعتقال فقط، بل أضحى الرعب من اقتحام الحياة الخاصة، والقتل الرمزي الذي لا يدفع ثمنه المعارض أو الصحفي او الفاعل الحقوقي، بل يدفعه معه أبناؤه وصما وجرحا يصعب رتقه.

لقد تم تقديم دستور 2011 باعتباره بوابة نحو أفقين : أفق الحقوق والحريات، وأفق الجهوية المتقدمة.

اليوم تبين الانتفاضات المجالية ضد الحگرة تهافت خطاب الجهوية، والردة الحقوقية فيما يخص حرية التعبير تهافت خطاب الحريات والحقوق، مما يعني أن الدستور قد ظل حبرا على ورق فقط. رغم أنه لم يلبي كل الانتظارات.

هل يتحمل النظام وحده المسؤولية في إفشال احترام روح الدستور؟

طبعا لا، فالسلطة لا تحدها إلا السلطة المضادة، وفي ظل شلل التعبيرات المضادة أحزابا ونخبا ومجتمعا مدنيا وصحافة، يصبح الطريق السيار نحو المزيد من السلطوية سالكا.

بمقارنة مع الجارة الإسبانية، سنجد أن الواقع السياسي هناك متقدم على النص الدستوري، أما عندنا فالدستور رغم كل عيوبه متقدم على واقع السياسة كما تمارسها السلطة والأحزاب معا.

للأسف بحت حناجر "الشعب يريد"، فيما استمر "دوباج" : الضوصطور زطو زطو.

Tags: None

العلامات

Yennayri



قام بإرسال الخبرYennayri.com
http://www.yennayri.com/news.php?extend.5039