بقلم ناصر موحى
يوم الاحد 18 دجنبر سنة 2011 أعلنت الامانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والاحسان كبرى جماعات الاسلام السياسي بالمغرب في بيان له عن توقيف مشاركة شبابها في حركة 20 فبراير . وأوضحت الجماعة دوافع الانسحاب في هاته الفقرة التي أنقلها حرفيا من البيان :
"...لكن الحركة حفلت بمن جعل كل همه كبح جماح الشباب، أو بث الإشاعات وتسميم الأجواء، أو الإصرار على فرض سقف معين لهذا الحراك وتسييجه بالاشتراطات التي تخرجه من دور الضغط في اتجاه التغيير الحقيقي إلى عامل تنفيس عن الغضب الشعبي، أو تحويله إلى وسيلة لتصفية حسابات ضيقة مع خصوم وهميين، أو محاولة صبغ هذا الحراك بلون إيديولوجي أو سياسي ضدا على هوية الشعب المغربي المسلم في تناقض واضح مع ما يميز حركة الشارع في كل الدول العربية. "
من خلال فقرة البيان يفهم ان أسباب انسحاب الجماعة تعود لوجود مكونات حسب فهمها تريد فرملة الجموح الشبابي وتحديد سقف منخفض للمطالب ، وقد كانت الاشارة هنا للمكونات التي كانت تنادي بتحديد الملكية البرلمانية كسقف اعلى لمطالب حركة 20 فبراير . وهو سقف حسب فهم الجماعة لن يؤدي الى التغيير الحقيقي بل سيكون مفعوله عكسيا من خلال جعله متنفسا وفقط للطاقات الشبابية التواقة للتغيير الحقيقي .
إلى هنا تبدو جماعة الشيخ عبد السلام ياسين منسجمة مع نفسها . فحركة 20 فبراير بفهمها اصبحت بوقا لتنظيمات يسارية إصلاحية بأفق ضيق ومستشفى للترويض النفسي . وهو مافهم منه آنذاك أن جلباب 20 فبراير أصبح خانقا لطموحات العدل والاحسان التي تنوي الاستمرار في الحراك حتى تحقيق القومة الموعودة من الله وليس من الشعب .
خرجت الجماعة من الافاق الضيقة للحركة لتعانق الامتدادات المفتوحة على كل الاحتمالات ، إنتظر الكثيرون إنطلاقة الحراك العدلاوي الرباني شهرا ثم شهورا ، فسنة تلتها سنوات ولا بريق امل في الافق . أربع سنوات مرت وعدد خرجات الجماعة للشارع بعدد اصابع اليد الواحدة ، كلها من اجل سوريا او فلسطين أو من أجل جنازة ولاواحدة من أجل القومة المغربية الربانية .
هذا الاسبوع أطلقت نجلة أحد مؤسسي الجماعة نادية ياسين رصاصة الرحمة على آمال الكثيرين ممن حلموا بقيادتها لحراك التغيير الجذري بالمغرب ومنحت شهادة تقدير للذين شرحوا موقف انسحاب الجماعة بأنه محكوم اولا باعتبارات ذاتية حيث فشلت في احتواء دينامية حركة 20 فبراير رغم تفوقها العددي واللوجيستيكي وثانيا لوجود تفاهمات على أعلى مستوى بين قيادة الجماعة وأطراف في الدولة المغربية بوساطة أمريكية للتحضير لمابعد إحتراق الراسمال الرمزي لحزب العدالة والتنيمة .
القيادية النسائية لدى الجماعة والمحرجة للقيادة قالت في لحظة غضب ممزوج بالحزن بسبب مارافق مراسيم تشييع جنازة ارملة ابيها من استفزازات إن المخزن نكار للجميل لأنه لم يقابل قرار ابيها الراحل بتبريد الطرح الفبرايري الا بالجحود .
كلمة نادية ياسين بدت وكأنها ضربت الطرر لبيان الجماعة بالانسحاب من حركة 20 فبراير الشهير وقلبت معانيه رأسا على عقب وسفهت كل خرجات رموزها وهم يحاولون تبرير مالايبرر .فاصبحت الجماعة هي التي أرادت كبح جماح الشباب من خلال انسحابها المفاجئ وفتحت آفاق التغيير على رغبات العمة امريكا وماستسفره مفاوضات سراديب الذيب المخزني .
ومن المهم الاشارة هنا إلى ان الجماعة اعترفت من خلال لغة البيان ان شبيبتها فقط هي من شاركت رسميا في الحراك بينما قيادة الجماعة ودهاقنتها كانوا منشغلين بامور اخرى يقول البيان "إننا، استحضارا لكل ما سبق، نعلن توقيف انخراط شبابنا في حركة 20 فبراير التي كنا، وما نزال، مقتنعين بمشروعية مطالبها وبحق الشعب في الاحتجاج السلمي بمختلف أشكاله. " وهذا ماخلق دوخة مدوية آنذاك لدى شباب الجماعة حين نزل عليهم البيان كالصاعقة لأنهم كانوا منخرطين في الحراك بصدق وإيمان بعدالة مطالبه ولم تظهر لهم اية مؤشرات تدعو للتوقف والانسحاب . لكن قضاء الجماعة نزل بدون مقدمات ودون الحاجة لشرحه لقواعدها ولاراد لقضاءها .
مع مرور الوقت تظهر الدوافع التي جعلت جماعة العدل والاحسان تجمد نشاطات ابنة الشيخ ياسين وتحد من خرجاتها لكونها على مايبدو مزعجة لحراس المعبد في علاقاتهم مع قواعد الجماعة والطرف المفاوض في مملكة امير المؤمنين .
أي نعم تقول الفزياء ان تبريد الطرح مناقض لتسخينه .والسياسة تقول أن الادعاء بتسخين الطرح في الوقت الذي يتم تبريده يسمى الخيانة وبتامغرابت يقابل مقولة كايبيع القرد اوكايضحك على لي شراه .
شكرا نادية لانك سكت دهرا ونطقت صدقا ...