تفاصيل صادمة عن المصنع الذي اودى بحياة العشرا ...
استاذ جامعي يفضح : الشواهد الجامعية تباع وتشت ...
اختلالات في محاربة كورونا (كوفيد19) بالأكاديم ...
رأي في حدث
من يدعم إسرائل في المجتمع الأمريكي؟
كارلوس هرنانديث إتشيفاريا
(مقال نشرته اليوم جريدة إلدياريو الإسبانية)
ترجمة حماد البدوي
ينتقد اليهود الأمريكيون إسرائيل بشكل "مفرط" ، بينما يمنحها اليمين الديني الإنجيلي دعمًا "شغوفا و لا لبس فيه". صاحب هذه العبارات هو السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن، رون ديرمر ، الذي يعد المخطط الاستراتيجي الكبير لنتنياهو في الولايات المتحدة ، والذي اعترف قبل أيام قليلة فقط من الأقصاف الأخيرة بسر أصبح معروفا للجميع، و مفاده أن الدعم الرئيسي لإسرائيل في أمريكا لا يأتي من الجالية اليهودية، التي أصبحت علمانية، و أكثر تنوعا، و أقل محافظة و اقتناعاً بسياسات الحكومة الإسرائيلية؛ بل إنه يأتي من اليمين المسيحي.
بالنسبة إلى ديرمر ، المولود في ميامي و الذي تخلى عن جنسيته الأمريكية لخدمة الحكومة الإسرائيلية ، فإن الحجة تؤكدها أيضًا الأرقام: فبينما لا يشكل اليهود الأمريكيون حتى 2٪ من عدد السكان الإجمالي، فإن الإنجيليين يشكلون 25٪. و هو على حق كذلك حينما يقول على أنه "من النادر جدًا سماع إنجيلي ينتقد إسرائيل". ففي سنة 2019 ، إعتبر 42٪ من اليهود الأمريكيين أن الحكومة الأمريكية "تنحاز للإسرائيليين أكثر من اللازم" ، بينما لم يتجاوز عدد الإنجيليين الذين يتقاسمون نفس الرأي نسبة 15٪.
و يفسر جزء من هذا الأمر بنهج المجتمع الإسرائيلي والجالية اليهودية الأمريكية لمسارات مختلفة في العقود الأخيرة. و مما لا شك فيه أن إسرائيل ، حيث لم يقد فيها اليسار الحكومة منذ 20 عامًا ، قد أصبحت أكثر محافظة. وفي المقابل، فقد مر قرن كامل منذ فوز مرشح رئاسي جمهوري بين اليهود الأمريكيين ، الذين يصوتون عادة للديمقراطيين بنسبة تزيد عن 70٪. و هي نفسها النسبة التي يبلغها تصويت الناخبين البيض الإنجيليين لصالح الجمهوريين في السنوات الأخيرة.
و قد اشار السفير السابق هنا إلى حقيقة أساسية: على عكس ما قد يعتقده المرء ، فإن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل يعد قضية أساسية بالنسبة للمسيحيين الإنجيليين عند اتخاذهم القرار لمن سيصوتون، بينما يولي اليهود الأمريكيون اهتمامًا أكبر لقضايا أخرى. و حجم الاختلاف ملفت للنظر:فثلث اليهود لا يعتقد أن الانشغال بمشاكل إسرائيل يعتبر جزءا لا يتجزأ من الانتماء إلى اليهودية، و 64٪ منهم يؤيد إقامة دولة فلسطينية، و هو ما يقابل ثلاثة أضعاف الدعم الذي تتلقاه الفكرة بين الإنجيليين الأمريكيين.
لماذا يدعم الإنجيليون إسرائيل؟
بالإضافة إلى تقديم الإنجيليين الدعم لإسرائيل ، فإن العديد منهم يدعمون سياسيًا واقتصاديًا قطاعًا محددًا من الإسرائيليين و الذي يتمثل في المستوطنين ، الذين يعيشون في الأراضي المعترف بها دوليًا للفلسطينيين، و الذين تشكل مستوطناتهم أكبر العقبات في وجه عملية السلام. و يرجع تعاطف الإنجيليين مع إسرائل، جزئيا،ً إلى تفسيرهم لبعض مقاطع الإنجيل حول "المجيء الثاني" للمسيح إلى الأرض، و الذي – كما يعتقدون - سيحدث في نهاية حرب دينية ستندلع بدورها بعد عودة جميع اليهود إلى الأرض المقدسة. و هي النبوءة التي يعتقد الكثير من الإنجيليين أنها بدأت تتحقق مع إنشاء دولة إسرائيل.
يزور الآلاف من السائحين الإنجيليين إسرائيل لزيارة المستوطنات و للتعرف على أماكن مثل مجدّو ، حيث يعتقدون سيحدث "المجيء الثاني"، الذي سيؤدي إلى إرساء "حكم المسيح على الأرض لألف عام". و على الرغم من أن نفس النبوءات تبشر بوفاة ثلثي اليهود وتحول البقية إلى المسيحية ، يبدو أن الإنجيليين والمستوطنين يمكنهم انتظار حدوث ذلك من دون خوض أي سجال حوله. و لا يقرب هذا المنظور بين اليمين الديني الأمريكي و بين اليهود بشكل عام ، بل إنه يقربهم من اليهود في إسرائيل على وجه الخصوص ، كما أنه يقود العديد من هؤلاء الإنجيليين إلى تجاهل مطالب المسيحيين الفلسطينيين.
قبل قرن من الزمان كان المسيحيون يشكلون 11٪ من سكان فلسطين، والآن فهم لايبلغون نسبة 1٪. ففي مدينة بيت لحم ، مهد المسيح ، انخفض عدد المسيحيين من 84٪ إلى 22٪ خلال عقد واحد. و على الرغم من أن 8 من كل 10 منهم يخشون هجمات المستوطنين الإسرائيليين أو فقدان منازلهم من طرف الاحتلال ، لا يبدو أن هذا يؤثر بشكل كبير على الدعم الممنوح لإسرائيل من قبل المسيحيين الإنجيليين الأمريكيين. و يشرح ذلك أحد منظمي الرحلات السياحية الخاصة بالإنجيليين بالقول بأن المسيحيين الفلسطينيين هم غالبًا ما يكونون "أرثوذكس أو كاثوليك" و هم "لا يشبهون في شيء لمسيحيتنا". بينما نصح آخر المسيحيين الفلسطينين بإنتظار قدوم المسيح لكي "يصلح كل شيء".
ترامب، إسرائيل و اليهود الأمريكيون
في كل الأحوال يبدو أن التحالف الغريب بين اليمين الديني الإنجيلي في الولايات المتحدة ودولة إسرائيل ليس بالأمر العرضي و المؤقت. فقبل أقل من عام ، نجح دونالد ترامب ، الرئيس الأكثر انحيازًا للحكومة الإسرائيلية في نصف القرن الأخير ، في الاستقطاب الساحق للناخبين الإنجيليين البيض مرة أخرى. و قد صرح هو نفسه بأن التنازل الكبير الذي قدمه لنتنياهو ، من خلال الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها ، كان في الواقع بادرة تجاه ناخبيه الإنجيليين الذين تلقوا ذلك "بحماس " يفوق حماس اليهود الأمريكيين.
و لم يتردد ترامب في وصف اليهود الأمريكيين الذين لا يصوتون له بأنهم "خائنون لإسرائيل و للشعب اليهودي"؛ لكن، و مع ذلك، لا يمكن القول إنهم أولوا اهتمامًا كبيرًا لكلامه، فقد صوتوا في أغلبيتهم لصالح جو بايدن . ربما تذكروا دفاعه (ترامب) عن وجود "أشخاص طيبين" في صفوف النازيين الجدد الذين هتفوا ضد اليهود في مسيرة شارلوتسفيل في عام 2017 .
ومع ذلك ، فإن ترامب يتمتع بشعبية أكبر في إسرائيل. ففي سنة 2019 ، بلغت نسبة الإسرائيليين الذين عبروا عن ثقتهم فيه نسبة 77٪ ، وهي ثاني أعلى نسبة في 33 دولة التي شملها الاستطلاع. و هي كذلك تقريبا نفس نسبة الدعم الذي حصل عليه وسط البيض الإنجيليين في الولايات المتحدة.
اسماعين يعقوبي
موظف بمحكمة الاستئناف بالرشيدية
رغم تحفظي الكبير على مفهوم/مصطلح الادارة القضائية، بسبب غياب تأطير نظري تام وتشعب الاستعمالات، الا أن استعمالها (أي الادارة القضائية)، يقصد به في هذا المقال مختلف الاجراءات التي تقوم بها كتابة الضبط بمختلف مكوناتها (كتاب ضبط، محررون قضائيون، منتدبون قضائيون، مهندسون...)، أي كل ما يدخل في زاوية فتح الملفات، الاستدعاءات، البرمجيات، التدبير الاداري والمالي...
فالمتتبع للشأن القضائي وتطوره سيشهد بوجود ثورة حقيقية بدأت معالمها الحقيقية منذ عقدين من الزمن، حيث شهدت ولوج عدة تخصصات لما كان يسمى سابقا موظفو المحاكم (الأعوان، المعاونون، كتاب الضبط، المحررون والمنتدبون القضائيون)، عبر سلسلة من التوظيفات همت أساسا التقنيين بمختلف أصنافهم، المهندسين بمختلف أصنافهم، وتخصصات علمية واقتصادية وأدبية... لم يكن لها وجود بالمحاكم قبل ذلك الوقت.
وقد كان لهذا التنوع والمزيج أثر ايجابي على عمل الادارة القضائية سيبلغ أوجه باعتماد المحكمة الرقمية.
ولا يخفى على أحد العمل اليدوي المضني الذي كانت تتحمله الادارة القضائية في ذاك العهد، لا من حيث كثرة السجلات أو تراكم الاستدعاءات، ولا من حيث طبع الأحكام الذي كانت تقوم به الراقنات على الآلة المزعجة لسنوات عدة.
ويبقى السؤال الجوهري هو، هل استفادت العدالة كوحدة تسهر على انتاج حكم قضائي من كل هذا التطور والتنوع أم غلبت فقط جزءا على جزء آخر دون أن تصل الى المستوى المطلوب والمرضي لمختلف أطراف النزاع من جهة وللدولة كمفترض فيها أن تسهر على تحقيق العدالة بفصلها في النزاعات في آجال لائقة ومعقولة؟ وأين توجد مكامن الخلل؟.
اطلالة بسيطة على واقع المحاكم والملفات تكفي لتعطي انطباعا ايجابيا على التطور المهم الذي عرفته الادارة القضائية التي استفادت من مختلف التخصصات النوعية والتقنية التي عززت صفوفها، حيث البرمجيات والتطبيقيات سهلت الى حد كبير مختلف الاجراءات، بدءا بصندوق المحكمة ومرورا بتتبع مختلف الاجراءات والجلسات، حيث يمكن القول أن مختلف الاجراءات تقام في حينها من فتح الملفات، تهيء الجلسات وتصفيتها.
الا أنه في المقابل، حافظ الجانب القضائي على مختلف مساطره واجراءاته، حيث لم يستفد من التطور المعلوماتي الحالي وبقي رهين مساطر واجراءات روتينية (كتابة مختلف اجراءات المقرر يدويا، عقد الجلسات بطريقتها التقليدية والبحث في مختلف الوثائق والمذكرات المدلى بها وشواهد الاستدعاء، التداول بالملفات، تحرير وطباعة الاحكام...).
ان هذا التأخر أو بالأحرى عدم مسايرة القضائي للتطور المعلوماتي، مضافا اليه حفاظ أغلب مساعدي القضاء والمتدخلين في العملية القضائية، بطريقة الاشتغال الما قبل تحديث المحاكم (الاستدعاء، التوصل، المذكرة، التعقيب، الآجال...) أثر بشكل كبير على فعالية التحديث الذي عرفته الادارة القضائية، ولم يقدم العملية القضائية ككل الا بنسبة لا تناسب المجهود المبذول على مستواها.
ويطرح سؤال، هل قدر العدالة أن تنتج هكذا؟
الجواب بالإيجاب اغلاق للتطور وحكم مسبق بإطلاقية وانسداد أفق الوضع الحالي والذي تكذبه وتتجاوزه تجارب دول أخرى، لكن الجواب بالنفي يتطلب تهيء شروط انتقال العدالة الى التطور بسرعة متكافئة ومتوازية بين مختلف مكوناتها حتى تنتج تأثيرا على منتوجها أي الأحكام والقرارات.
ويمكن اجمال مختلف شروط الانتقال من الوضع الحالي الى وضع أحسن أو لائق في:
1- تدعيم وترسيخ التطور الذي شهدته الادارة القضائية عبر تطوير وعصرنة تنظيمها الهيكلي،
2- التخفيف من التضخم الذي تعانيه الادارة المركزية،
3- الرفع من مستوى التكوين للإدارة القضائية لضمان استمرارية وتصاعدية الجهد المبذول عبر احداث المدرسة الوطنية،
4- توسيع اختصاصات الادارة القضائية لممارسة مجموعة من المهام الشبه قضائية،
5- اشراك مساعدي القضاء في عملية التطوير عبر احداث المدرسة الوطنية لمساعدي القضاء،
6- خلق فضاء معلوماتي أو ملفات الكترونية لتداول الوثائق والمعلومات والاجراءات...
غياب العدالة مكلف جدا، وبطؤها يكون في حالات عدة كانعدامها أو أشد ضررا، مما يقتضي اعادة النظر في مختلف التصنيفات والفئات والمكونات... والايمان القوي بأن الجميع شركاء في انتاج حكم أو قرار في آجال مقبولة وأن اختلاف وتباين سرعة تطور مختلف المكونات يؤثر سلبا على المكونات الأخرى عموما وعلى العدالة بشكل خاص.
الرشيدية في 15 فبراير 2021.
بقلم عزيز ادمين
أصدر المغرب بلاغا، وصف إعلاميا بالقوي، يسجل رفضه "جملة وتفصيلا ادعاءات تقرير منظمة العفو الدولية الأخير وتطالبها بالأدلة المثبتة لمضامينه"، وأضاف البلاغ أن "السلطات المغربية تنفي أي اتصال بها من طرف منظمة العفو الدولية، وأن نشر التقرير وما صاحبه من تعبئة 17 منبرا إعلاميا عبر العالم لترويج اتهامات غير مؤسسة، يندرج في إطار أجندة تستهدف المغرب، جزء منها مرتبط بجهات حاقدة على المملكة وأخرى لها علاقة بالتنافس بين مجموعات اقتصادية على تسويق معدات تستعمل في الاستخبار". كما أضاف البيان أن السلطات المغربية أخبرت ممثل منظمة العفو الدولية بالمغرب أن ”التقرير المذكور، أحجم عن الإدلاء بالأدلة المادية التي تثبت العلاقة المزعومة للمغرب باختراق هواتف بعض الأشخاص“.
ويأتي بلاغ "السلطات المغربية" بعد تحقيق صادر عن منظمة العفو الدولية، يكشف " أن مجموعة "إن إس أو" (NSO)، وهي الشركة الإسرائيلية التي تقوم بتسويق تقنيتها في مكافحة وباء فيروس كوفيد-19، قد ساهمت في حملة متواصلة من قبل الحكومة المغربية للتجسس على الصحفي المغربي عمر راضي.".
إذا كان للدولة المغرب الحق في الرد على منظمة غير حكومية دولية، فالأحرى أن يكون البلاغ موقعا من مسؤول حكومي، خاصة وأن مرسوم تنظيم اختصاصات وزارة حقوق الإنسان، يوكل لها مهمة التفاعل عن الهيئات الحكومية وغير الحكومية الدولية.
ويبقى السؤال الجوهري، هل حقا يتجسس المغرب على مواطنيه من خلال برامج خبيثة اقتناها من إسرائيل؟ أم أن الأمر لا يخرج عما وصفته "السلطات المغربية عن أجندات دولية تستهدف المغرب؟
للتذكير أن منظمة العفو الدولية لها من الخبرات والإمكانات البشرية والمادية ما يكفيها للدفاع عن تقريرها، ولكن نعالج الموضوع من زاوية أخرى.
إذا كانت العفو الدولية، منظمة غير حكومية، فإن مجلس حقوق الإنسان بجنيف منظمة حكومة، والمغرب جزء من هاته المنظومة الدولية.
ففي دورته 41 سجل مجلس حقوق الإنسان، وجود عدد من الدول التي تتجسس على مواطنيها، حيث سخرت، بعض الدول التكنولوجيا لرصد وإعاقة عمل المدافعين عن حقوق الإنسان والجهات الفاعلة في المجتمع المدني، وقد سجل المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات بتاريخ 17 ماي 2019، في تقريره تحت رقم / HRC/41/41A، والمقدم في نفس الدورة، أنه من هذه الأمثلة على "استخدام برمجيات التجسس التجارية، مثل تكنولوجيا الرصد "فينفيشر" FinFisher، ومجموعة برمجيات التجسس "بيغاسوس Pegasus، لشن هجمات سيبرانية على الفاعلين في المجتمع المدني ".
ويعتبر المغرب بجانب كل من البحرين وكازاخستان والسعودية، الإمارات العربية المتحدة، من الدول التي "ربطتها تقارير موثقة جيدا، بمجموعة برمجيات التجسس "بيغاسوس" وهجمات التجسس على الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان" (الفقرة 46 من التقرير)، حيث "تسمح هذه الهجمات بقرصنة ومراقبة اتصالاتهم ومواقعهم وأنشطتهم في الوقت الحقيقي".
وقد استند تقرير مجلس حقوق الإنسان على تحقيق سبق أن أنجزه مختبر The Citizen وهو مختبر متعدد التخصصات مقره في كلية مونك للشؤون العالمية والسياسة العامة ، جامعة تورنتو، حيث أكد التحقيق المنشور بتاريخ 18 شتنبر 2018 أنه تم إجراء "مسح الإنترنت لتحديد 45 بلداً قد يقوم فيها مشغلو برامج التجسس بيغاسوس من شركة NSO بإجراء عمليات تجسس"، وأن النتائج المتوصل إليها تبين "صورة قاتمة لمخاطر على حقوق الإنسان وذلك بسبب الانتشار العالمي لشركة NSO. تم ربط ما لا يقل عن ستة بلدان سبق وأن استخدمت برنامج بيغاسوس بشكل سيّء لاستهداف المجتمع المدني" ومن بين هذه الدول الستة يوجد المغرب.
بالأخطر من ذلك وصل تحقيق المختبر إلى أن "مشغّل آخر يبدو بأنه يركّز على المغرب ربما قد يكون يتجسس على أهداف في دول أخرى مثل الجزائر، فرنسا وتونس. استطعنا تحديد عدّة مشغّلين يعملون في إسرائيل: أربعة منهم يبدو أنهم يعملون بشكل داخلي، وواحد يبدو أنه يعمل في إسرائيل وأيضاً في بلدان أخرى مثل هولندا، فلسطين، قطر، تركيا والولايات المتحدة الأمريكية.".
وكخلاصة للتحقيق، فإن " مزود “برامج الحرب الرقمية” NSO يتخذ من إسرائيل مقراً له، ويبيع برنامج بيغاسوس للتجسس على الهواتف المحمولة. للتجسس على هدف معين، يجب أن تقنع الحكومة المشغّلة للبرنامج الشخصَ المستهدف بالضغط على رابط خبيث ومخصّص، و الذي حالما يضغط عليه، فإنه يحاول استغلال سلسلة من الثغرات غير المعروفة “zero-day” لاختراق ميزات الحماية الرقمية على الهاتف و تحميل “بيغاسوس” دون علم أو إذن المستخدم. حالما يتم تحميل “بيغاسوس” على الهاتف، فإنه يبدأ بالاتصال بمركز التحكم (C&C) لإستقبال وتنفيذ أوامر المشغّل، ويرسل البيانات الخاصة بالشخص المستهدف، بما في ذلك المعلومات الخاصة، كلمات المرور، جهات الاتصال، التقويم، الرسائل النصية، والمكالمات الصوتية المباشرة من تطبيقات المراسلة الخاصة بالموبايل. يمكن للمشغل حتى أن يشغل كاميرا الهاتف والمايكروفون لالتقاط وتسجيل النشاط في المحيط الذي يتواجد به الهاتف".
بالعودة إلى نظام الإجراءات الخاصة، ففي نفس دورة مجلس حقوق الإنسان، سجل المقرر الخاص المعني بحرية الرأي والتعبير، والمؤرخ ب 28 ماي 2019، أن "أنواع المراقبة التي تنهجها بعض الدول للوصول خلسة إلى الاتصالات الرقمية تشمل كل من : التدخل في نظام الحاسوب، الاختراق الحاسوبي للأجهزة المحمولة، الهندسة الاجتماعية، مراقبة الشبكات، مصائد رقم التعريف العالمي للمشتركين في الهاتف المحمول (ستينغراي)، التفتيش العميق في رزم الرسائل. ".
وأضاف المقرر الخاص، أن "برنامج بيغاسوس للتجسس، الذي تنتجه مجموعة شركات NSO، مثالا نموذجيا واستخدامه في عدد من الدول.".
نختم هذه المقالة بالتأكيد على الاستعانة بنظام هيئات الأمم المتحدة، باعتبارها أجهزة حكومية، والمغرب عضو فيها، وأنها لها قيمتها القانونية والمعنوية، ويبقى للقارئ الجواب على السؤال، هل صدقت منظمة العفو الدولية؟ أم كذبت "السلطات المغربية"؟.
هند عروب
بعد زلزلة الوباء وصفعة الطارئ ووقوع البلاء، تجندت الدولة المغربية مسخرة آلية الحكومة لتبني تدابير استعجالية استثنائية وحلول طارئة لمواجهة كورونا والحفاظ على الشعب و الوطن آمنين. إنها تدابير وقائية، لا يمكن إلا تثمينها و قرارات تكشف أنه حين نسعى لإيجاد الحلول نحقق المراد. فما اتخذ من إجراءات و حلول تحت طائلة الطارئ، تمت الدعوة له في سياقات تاريخية و اجتماعية و سياسية جمة منذ استقلال المغرب إلا أن آذان أولي الأمر كانت تُغَلق و بوابات الحوار توصد و لا رد سوى القهر و الردع و العقاب. فيتم الزج بالمطالبين بتحسين الأوضاع و الحقوق المعيشية و الكرامة و العدالة والمساواة في السجون و المعتقلات. و ها هي ذي كورونا اليوم تعري بنياتنا الهشة و حقيقية أوضاعنا الواهنة و تفرض على الدولة المغربية اتخاذ ما يلزم دون أن يتم اعتقالها.
لقد هرولت الدولة المغربية فزعا لتبني كل التدابير الوقائية من الوباء و كذلك الاجراءات الاحترازية من انفجار الغضب الاجتماعي للمقهورين والمعوزين و ذوي القوت اليومي، فبادرت في سرعة تفوق سرعة عقارب الدقائق و الثواني لإنشاء صندوق كورون- و تجميع 23 مليار درهما في بضعة أيام و دون اقتراض – و طمأنة المعوزين بإعانات مادية قدرها 2000 درهم و تأجيل دفع الالتزامات المالية من كراء و فواتير و أقساط بنكية وما إلى ذلك من التدابير التي تخفف وطأة الحجر المادية و تحفظ الصحة و السلامة و القوت للمواطنين و كذلك أمن و استقرار البلاد مخافة صرخات الجياع الذين يمكن أن يُخرجهم جوعهم من الحجر الصحي إلى العصيان المدني في الشوارع. فالجوع لا تردعه لا الطوارئ و لا القوانين. و البادي، أن الدولة المغربية في زمن كورونا تجتهد في إيجاد الحلول لكل المشاكل التي فجرها الوباء، فلماذا – إذن- كان النظام السياسي المغربي يرنو العقاب لمواجهة المطالب الاجتماعية بدل الانصات و الانصاف؟
أتمنى أن تؤسس كورونا لزمن تتحرر فيه قنوات الحوار الاجتماعي و يتعزز الإنصات و الإنصاف و الثقة بين الحاكم و المحكوم، كما أهيب من المؤسسة الملكية كأعلى سلطة في البلاد – من خلال هذه السطور- أن تأمر بإطلاق سراح معتقلي الرأي و الاحتجاجات الاجتماعية و استثمار طاقة هؤلاء المعتقلين في مواجهة كورونا وبناء مقدرات الوطن ما بعد كورونا، فهم أناس مؤمنون بعقيدة البناء و التطوع من أجل الوطن، و لم يصرخوا في الشوارع و على منصات الآراء إلا لأنهم يحلمون بوطن يُثمر فيه الأمل و الأمن.
إن هذه الكارثة الوبائية جعلت البشرية موحدة من أجل هدف أوحد، ألا وهو محاربة الوباء والنجاة من فتكه. فالعالم بأسره، يصحو و يتنفس و ينام مراقبا منحنيات و معطيات تطور الفيروس و كم حصد و سيحصد من الأرواح في هذا البيت الفسيح/ كوكب الأرض، إذ أنسانا لهاثنا اليومي أن مصائرنا كبشر مترابطة أوصالها على هذا الكوكب الذي أضحى التواصل فيه افتراضيا و جشع الأنانية أمرا واقعيا.
لقد ظن إنسان القرن 21 أنه ملك مقاليد التحكم في الحياة بدباباته و اختراعاته و اعتدائه على الطبيعة و توقعاته للخطر حتى باغتته كارثة صحية شبيهة بأزمنة الطاعون و الكوليرا، كارثة بطلها وباء مثقاله مثقال ذرة، فتاك لا مرئي ضوئي السرعة و العدوى. هذا اللامرئي شل حركة العالم و خارت أمامه قوى أعتى الدول بنية واقتصادا فما بالك بالدول الضعيفة هشة البنى و التي تفتقر لأدنى شروط الصحة و السلامة. فهل كورونا صفعة الطبيعة الأم التي اعتدى عليها الإنسان؟. من الأكيد، أن كورونا زلزال سيشكل نقطة تحول تكتونية في واقع الحياة البشرية، سينقلها من عهود ما قبل كورونا إلى ما بعد ها.
و ما بعد كورونا سيدخل المنظومات المحلية والعالمية عصرا آخر من الأنماط و المفاهيم إذ سيكسر المتوارث من الدال و المدلول في جميع الميادين من سياسة و اقتصاد واجتماع و علوم. ستتغير ملامح العالم و مفاهيم العلاقات الدولية وأنماط الحكم و السياسة و أشكال الاقتصاد و العلاقات الانتاجية و الاستهلاكية، الأمر الذي سيؤثر على حركة مراكز القوى و مدلولاتها ولاعبيها. فهل سيعود بنا زمن ما بعد كورونا إلى عصور الانكماش السياسي و العزلة الدولية أم سيؤسس لنظرية الكل بحاجة إلى الكل؟ هل تدبير إغلاق الحدود الاستثنائي والاحترازي سيتحول إلى حقيقة دولية اعتيادية أم هي دعوة لإعادة التفكير في إشكال الحدود وحرية التنقل؟ هل سيتحول الحجر الصحي إلى حجر سياسي على الشعوب حتى في الأنظمة الديمقراطية أم أن الحجر الصحي سيجعل الأنظمة الديكتاتورية تعي قيمة شعوبها؟ وهل ستتحول الجيوش إلى قوى عاملة بناءة بدلا من استخدامها في حروب الإبادة الإنسانية؟ و أي دور سيناط بالمؤسسات الدولية المالية بعد فشلها في توقع كارثة كورونا؟ هل ستكتفي بإعادة هيكلة اقتصادات العالم أم ستعود إلى فرض مخططاتها و توريط الاقتصادات الهشة في ناعورة قروضها؟ و ماذا عن صحوة الضمير الجمعي الذي رجته كورونا، هل سيلقي إلى العالم بصدى الوجع الفلسطيني و السوري و العراقي و اليمني والمهاجر السري و اللاجئ و المسجون ظلما؟ هل ستستفيق الشعوب خاصة المقهورة لتحدد لنفسها دورا في مساراتها التاريخية بتعزيز مفاهيم التماسك الاجتماعي والتقارب الطبقي والوعي بأن مصائرنا مُعَلق بعضها ببعض؟
لقد حُجر على إنسان كورونا غنيا وفقيرا، و أقدامه باتت بحاجة إلى تصريح حتى تدب خارج مسكنه، كما اختزلت احتياجاته في ما هو ضروري و حيوي لبقائه. فكأني بكورونا تدعو البشرية لتتذكر آدميتها و بساطتها بعيدا عن الاستهلاك الباذخ، إنها دعوة لإعادة تحديد دلالات العلاقة بالذات و الاحتياجات، و كذلك إعادة التفكير في الصلة بالآخر الداني و القصي، فهذه الكارثة ستحيلنا على معان جديدة لصلاتنا بالأنا و الآخر و الروح و المادة و الزمان و المكان بل بالحياة جُلا و كلا.
إن هذه الكارثة الوبائية، قد تكون فرصة للأنظمة القهرية لإعادة النظر في سياساتها و في هدر ميزانياتها على سياسة المراقبة و العقاب بدل تسخيرها لبناء شعوب و أوطان قوية ترفل فيها العدالة و المساواة و يتحقق العلم و العمل و الكرامة. و لن تمضي هذه الكارثة دون أن تترك رسالة للأنظمة القوية أيضا، رسالة مفادها أن السيطرة على البورصات العالمية و السطوة العسكرية و تجارة الحروب و التقدم التكنولوجي يمكن أن يخر في هنيهة أمام فيروس خفي.
أما على المستوى الإنساني، فحلول هذا الوباء في حياتنا و إلزامنا الحجر هو فرصة لتعقيم – ليس فقط الجسد- بل اللسان و الفكر و الروح و تمرين الذات على الصبر و الابداع و تبني روح الفكاهة والدعابة و التعلم وإحياء الروابط الأسرية و العائلية و التلاحم المجتمعي، فما كورونا إلا إعصار و سيمضي إلى حال سبيله تاركا – عبر الأرواح التي حصد و يحصد- عبرا لمن يعتبر من أولي الألباب.
” ابق فدارك” من أجلك و من أجل الذين هم على خط النار ” خارج دارهم” للإبقاء على حياتك