تفاصيل صادمة عن المصنع الذي اودى بحياة العشرا ...
استاذ جامعي يفضح : الشواهد الجامعية تباع وتشت ...
اختلالات في محاربة كورونا (كوفيد19) بالأكاديم ...
أين الثروة ؟
بقلم عبد الغني عيادي
أعجب لمن يتعجب بسرقة خراف الاضحية بضواحي البيضاء و كذا سرقة بعض المعدات الطبية من طرف معالجين من كورونا !
. أعجب بالخصوص ممن انتظر هاتين الحالتين لدق ناقوس الخطر حول انحطاط القيم و انشطار الجهاز القيمي لدى الشعب.
الحوادث التي تحدث في ضواحي المدن الكبرى تجذب غالبا اهتماما خاصا خاصة و ان هنا يتعلق الامر بكازا مركز المركز. هل هي ازمة اخلاق؟ لا اظن. تحدث حوادث مشابهة في انعدام التحضر بضواحي كل المدن الاوروبية الكبرى و بطلها غالبا له علاقة بافريقيا, شمالها و جنوبها.
هنا تلعب اوراق ايديولوجية خطيرة. لان الازمة تولد الشوفينية. الشوفينية في اوروبا تمظهرت حسب البلدان بدائرة تتسع اليمين التقليدي الى اقصى اليمين مع الفاشست. ورقة انتخابية. اما عندنا في المغرب فالامر مختلف تماما. لا مكانة لليمين المتطرف و لا يتعلق الامر هنا باجناس مختلفة بل بانتماء طبقي وجودي مختلف. اي الطبقة الوسطى ضد بقية الشعب. هل هي ازمة اخلاق قلت و ليست وحدي القائل لا. هي ازمة جوع. يجوع المرء، يصبر و يصابر لكن لابد ان يأكل خاصة اللحم. المسالة مسالة جوع. و الثقافة ثقافة جوع اقصى درجات السعادة ملء البطن باللحم خاصة و انه طول السنة مادة غالية الثمن ( كيلو لحم يساوي 60 % من الحارة اليومية لعامل غير مهيكل. اي تقريبا ثلثي المغاربة اعتمادا على وصارقام الاستفادة من دعم كورونا.
ليست ازمة قيمية لان الظاهرة كانت موجودة و السجون مملوءة بالسراق. بالدار البيضاء يوما كنت اتحدث في الهاتف النقال بأريحية فانقض علي عمي و طلب مني ان احتاط. حوادث عديدة يعدى لها الجبين " طحن أمو" التي قتلت محسن فكري خرجت من فم مغربي و هي ليست حق بل باطل و ظلم و هذا ضرب لقيمة الحق و لم يتحدث احد عن تقهقر قيمي. انها ازمة جوع. او فاقة على اقل تقدير.
صحيح اننا نعيش جماعة تحول قيمي لان نظام الحكم بسياساته و تحركاته وجه المجتمع نحو مجتمع استهلاكي و لم يحسب لازمة مثل كورونا ادنى حساب. بالاوراش الكبرى و شراء دموع ضحايا الرصاص بالمال و كل شيء براق و موازاة مع ذلك تتوسع دائرة العوز. الفقر ليس هو السبب. الجوع هو السبب. ما كنت اظن في المغرب مواطنون يتضورون جوعا بينما ثلة اخرى قليلة جدا تتوسع ثرواتها و تنسلخ عن ذلك المجتمع " البوزبالي" و الذي يجب اعادة تربية بعضهم حسب تصريح وزير كبير. نعم في وطننا من يتضورون جوعا و الدولة بعيدة عن هموم هذه الشريحة الواسعة من المجتمع. استقر منطق البلينغ بلينغ و الفردانية بدل قيم المواطنة الجماعية و المسؤولية و الرقي الجماعي.
هل الحكومة او الحكومات السابقة مسؤولة؟ نعم مسؤولة و لكن اعظم المسؤوليات يتحملها رئيس الدولة و مستشاريه. لان قيمة الحق تفرض قول الحقيقة فالملك و مستشاريه هم من يسطرون الاطار الاستراتيجي اما الحكومة و السياسة عموما طقس من طقوس الديموقراطية ماروكين. هذا ليس بعيب في حد ذاته و يدافع عنه سياسيا و اظننا اليوم لا نطلب غير ذلك : الملكية الشمولية و اسقاط السياسة ليكون النقاش مباشرا مع مركز القرار.
نعم هذا المغرب الذي نرى اليوم هو مغرب الامس و مغرب فصل على مقاس لا يخدم الذكاء الجماعي بل يقوي فقط حضوض انتصار الجهال و ثورتهم. فعيب ان يثور الجهال على من تلقوا تعليما من الطراز الغالي و العالي و لهم سلطات عظيمة. ربما ان الاعلام في هذا الزمان يضخم الحوادث إلا أن الواقع أشد قساوة. الأرقام معروفة و تجاهلها جريمة لا تغتفر. نصف الشعب مريض نفسيا. 40 % من الشباب عاطل. سن الزواج تعطل و تقلصت الحريات الشخصية بما في ذلك من تأثيرات سيكولوجية على الشباب بالخصوص. عجز في موازنة الصادرات و الواردات بالملايير. الاقتصاد الغير مهيكل يعتبر دولة في دولة. و الخطير، رغم أن كل المؤشرات توحي بازمة خانقة توازي آفة كورونا و التي اثبتت بان الصحة هي الأساس و تسبق في الأهمية التعليم و التشغيل الخ، رغم ذلك لا تتحرك الدولة لتعزيز الاسطول الصحي. السوريالي في جزء من خطاب العرش و الذي بموجبه يقر رئيس الدولة مبدا التغطية الصحية للجميع. و ماذا كان يمثل جهاز " رميد"؟و هل من تقييم لهذا البرنامج؟
و بين هذا الشعب الذي جاع جانب منه و عبر عن ذلك و يكفيك هيأة المغاربة المستضعفين دليل على ان هذا الشعب جاع و برد و تعب و بين دولة زالقة منزلقة متزلقة لا تعرف من يحكم من فيها و باي استراتيجية، ين هؤلاء و اولائك يقف ثلة من مثقفي الطبقة الوسطى يتساءلون في حيرة وجودية : هل الشعب ام الدولة؟ اين العطب؟ من يسمع خطابات الملك يظن انه امام معارضة قوية للحكومة، و هو خطاب رئيس الدولة. بل ان الملك اكثر تقدمية من احزاب الحكومة. صمام الامان, يضن البعض، ضد التشدد العقيدي.
من يحكم من؟ و على اي اساس اي استراتيجية؟ فالذي يتابع كيفية تعاطي الدولة مع كورونا يخاف من انعدام اي استراتيحية للحكامة في هذا الوطن. في غياب هذه الاستراتيجية، او بالتدقيق في ظل صراع استراتيجيتين من داخل نسق واحد : نسق اسلام سياسي واحد مؤسس على إمارة المؤمنين و الثاني على دولة اسلامية كما نظر لها منظري الإخوان المسلمين . الاستراتيجيتين مبنيتين على منطق دولة " الهولدينغ".