أمينة بريدعة
بدت مدينة الدار البيضاء صبيحة يوم 1981كمدينة شبح و المعامل خالية من العمال و المتاجر مغلقة ووسائل النقل العمومي توقفت عن التجول , إنه يوم الإضراب الذي دعت إليه ك.د.ش و الهدف إجبار الدولة على إلغاء الزيادات في أسعار المواد الأساسية التي أعلن عنها رسميا يوم 28 ماي من نفس السنة , و كان سكون المدينة دليل على نجاح الإضراب مما يعني فشل أجهزة الدولة و إدارتها الترابية في إفشال الإضراب رغم جولات المقدمين و الشيوخ ليلة الإضراب لتوزيع الأوامر بالعمل بجد يوم الإضراب و أن عسكرة المدينة عشية الإضراب و نشر الآلاف من رجال مختلف الأجهزة القمعية لم يقنع المضربين بالعدول عن الفكرة و مع أولى التحركات الاحتجاجية أخرجت القوات العمومية آلتها القمعية رافعة حالة التأهب , هذا القمع سرعان ما كان له مفعول عكسي فقد أثار السكان و أشعل فتيل مواجهات . و قد كان الإضراب نتيجة للأزمة الاقتصادية المستفحلة و الفوارق الطبقية الصارخة فمابين 1997و 1980ارتفع مؤشر كلفة المعيشة ب %38 .
يوم السبت 20 يونيو المقدمون و الشيوخ يطرقون أبواب التجار و يخرجونهم من بيوتهم نحو محلاتهم فلا يترددون في فتح أبوابها بأنفسهم , عربات " جيب" و آلاف الرجال المسلحين يجوبون الشوارع و يستعرضون القوة تحت إشراف مروحيتين عسكريتين تحلقان في سماء البيضاء .
الإجراءالت المستفزة للسلطات ضد مظاهر الإضراب و عسكرة المدينة جعلت الأجواء مشحونة , غضب الساكنة بدأ في الانتظام في شكل مظاهرات و تجمعات , عند الساعة 11 صباحا و نتيجة لتوتر الأوضاع هجم بعض الشبان على إحدى الحافلات لتغادر قوات القمع المسلحة حافلاتها استعدادا للمواجهة . المحلات التجارية التي فتحت أبوابها تحت الضغط سرعان ما أقفلت و محاولة منها لكبح احتجاجات المواطنين كانت قوات القمع تعتقل كل من يوجد خارج بيته , اعتقالات عمياء بالجملة و استعمال ممنهج للعنف ضد من يصادف عناصر القمع , اطفال يضربون أما أعين آبائهم و ملاحقة الشبان إلى داخل منازلهم , و بدا إطلاق النار على المحتجين بشكل كثيف , جرحى ينزفون في الشوارع دون أن يتلقوا الإسعاف , اعتقالات عشوائية ليحل الليل و سط حظر التجول و مواصلة عمليات التمشيط و الاعتقال حيث كان قرابة 10000شخص محتجزين بفضاء معرض الدار البيضاء بعد أن امتلأت مراكز الاعتقال و دوائر الشرطة..... صباح يوم الأحد أصبحت وحدات عسكرية مصفحة مرابضة أمام المؤسسات العمومية بالمدينة و أخرى تجوب شوارعها . جهود قوات القمع سوف تتركز على إخفاء معالم المجزرة, الجثث تجمع من الشوارع و تنتزع من الأسر لكي لا تعاود رؤيتها , المصابون برصاص الدرك و الجيش و الشرطة محتجزون في غرف خاصة بالمستشفيات حتى تختفي آثار ذلك و العمليات تتم بحضور رجال "الأمن"ووحدات من الجيش تتمركز أمام مستودع الأموات المركزي و مستودع ابن رشد و مهمة المقدمين و الشيوخ أصبحت ترهيب أسر الضحايا و حثها على عدم القول بمقتل أبنائها ...
1